بين صفوف محاصيل القطن، تغطي سيقان القمح وبنجر السكر الجافة مساحة من الأراضي الزراعية بالقرب من ساحل بحر إيجه في تركيا، مما يساعد على الاحتفاظ بمغذيات التربة ورطوبتها – حتى في الحرارة الحارقة. وفي الحقول المجاورة، حيث يُزرع القطن دون الغطاء الواقي، تذبل النباتات وتذبل تحت الشمس.

كيف يمكن للزراعة المتجددة أن تساهم في حماية البيئة؟

بعد مرور أربع سنوات منذ أن قامت سوكتاس لأول مرة بتحويل هكتار واحد (2.47 فدان) من الأراضي للزراعة المتجددة – باستخدام الأساليب القائمة على الطبيعة لاستعادة الأرض وتحسين قدرتها على تخزين الكربون – تمتص التربة أكثر من 18 طنًا من الكربون لكل هكتار سنويًا. وهذا يعادل الانبعاثات السنوية للغازات الدفيئة الصادرة عن حوالي 15 سيارة تعمل بالبنزين، وفقًا لآلة حاسبة تابعة لوكالة حماية البيئة الأمريكية. وقال ارديم لمؤسسة طومسون رويترز خلال جولة في حقول الشركة “في كل عام نرى النتائج تتحسن.”

تشتهر صناعة الأزياء باستخدامها المكثف للموارد الطبيعية وإنتاجها العالي للنفايات، وقد كثفت جهودها في السنوات الأخيرة للحد من تأثيرها البيئي وبصمتها الكربونية، حيث حدد ميثاق صناعة الأزياء التابع للأمم المتحدة للعمل المناخي هدفًا على مستوى الصناعة يتمثل في إزالة الكربون بحلول عام 2050.

وفي حين ركزت الجهود على الحد من النفايات، فإن العلامات التجارية والمصممين يدعمون بشكل متزايد مشاريع في الزراعة المتجددة للمساعدة في تقليل الانبعاثات الناتجة عن صناعة المنسوجات الكلاسيكية، مثل القطن والصوف. وجد مشروع تجريبي للقطن المتجدد في تركيا، أنشأته مجموعة الحفظ الدولية  ،أنه تم تخزين ما يصل إلى 15 مرة أكثر من الكربون في التربة مقارنة بعزل الكربون بشكل عام.

وقال جوكشي أوكولو، مدير القطن في شركة Textile Exchange، وهي منظمة غير ربحية تعمل مع صناعات الأزياء والنسيج للمساعدة في تقليل التأثير البيئي للمواد: “تصبح التربة أكثر إسفنجية وحيوية”. وأضافت أن المواد العضوية الممتصة للكربون يتم قتلها في الزراعة التقليدية عن طريق الإفراط في حرث الأرض.

وقال أوكولو إن الزراعة المتجددة تستخدم القليل من حرث التربة للمساعدة في الحفاظ على تركيبتها البيولوجية، بالإضافة إلى زراعة محصول تغطية لحماية الأرض. وقال إرديم إنه بفضل محصول القمح والفاصوليا وبنجر السكر في حقول سوكتاس، تضاعف محتوى المادة العضوية في التربة خلال أربع سنوات، ويحتاج القطن كل عام إلى كميات أقل من الأسمدة والمياه.

الاقتصاد  المتجدد

ووفقا لاتحاد الصناعة البريطاني، فإن الطلب على القطن المنتج بشكل مستدام، والذي يمثل ما يقرب من 20٪ من إمدادات القطن العالمية في عام 2020، يتزايد. حيث قال لينون: “لكن أولاً، نحتاج حقًا إلى إعطاء الأولوية للحفاظ على المنتجات الحالية قيد الاستخدام”، موضحًا أنه للانتقال إلى الاقتصاد الدائري، تحتاج الصناعة إلى تقليل الحاجة إلى المواد الخام من خلال إعطاء الأولوية لإعادة التدوير وإعادة الاستخدام.
أضاف لينون: “مهما كانت (الاحتياجات) المتبقية، نريد أن نأتي من مصادر متجددة”.

تريد المفوضية الأوروبية تطبيق جميع اللوائح المخطط لها والتي تتطلب من شركات الأزياء إنتاج الملابس بطريقة أكثر استدامة بحلول عام 2028. يوجد حاليًا 16 تشريعًا قيد التنفيذ، والتي يمكن أن تحدد الحد الأدنى من معايير المتانة وقابلية إعادة التدوير لأي منتج يدخل الاتحاد الأوروبي وتطلب من شركات الأزياء جمع نفايات المنسوجات.

وقالت أنيتا تشيستر، رئيسة قسم الأزياء في مؤسسة لودز، وهي منظمة خيرية تساعد في تمويل تغطية مؤسسة طومسون رويترز للموضوع الأخضر: “بالنظر إلى أهمية الاتحاد الأوروبي كسوق، فإن هذا قد يعني دفعة كبيرة لتغيير ممارسات التوريد الشاملة”. وأضاف تشيستر أنه لم يتم اتخاذ سوى القليل من الإجراءات لتشريع بشأن الزراعة المتجددة لأنها لا تزال في المراحل الأولى من اعتمادها، ولكن بعض السياسات الحالية، مثل قانون صحة التربة الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يساعد في دعم هذا التحول.

مرحلة انتقالية

قال تشيستر إن المعايير والشهادات بدأت في الظهور، مثل التحالف العضوي المتجدد أو ريجيناجري، ولكن يجب على العلامات التجارية والمصممين الاستثمار في المزارعين لمساعدتهم على الانتقال إلى الزراعة المتجددة. وأضاف : “لا شيء يمكن أن يكون متجدداً إذا لم يكن عادلاً. عليك بناء قدرة المجتمع على الصمود من خلال مكافأة المزارعين على إدارتهم للطبيعة والخدمات التي يقدمونها لمساعدتنا في مكافحة تغير المناخ”.

بالإضافة إلى التكاليف الإضافية لاختبارات التربة وإصدار الشهادات والاستثمار في آلات عدم الحراثة، تخسر المزارع المتجددة أرباحها في البداية بسبب انخفاض الإنتاجية – قبل أن تتحسن التربة – واستبدال محصول ثانوي قابل للزراعة في الشتاء بمحصول تغطية غير مناسب. قال كيهان: “لقد تم حصادها”.  و أضاف إن إجراء عملية التحول أكثر تكلفة، ولكن مع مرور الوقت لأنك تحتاج إلى مدخلات أقل، ستأتي نقطة عندما تستقر الأمور”.

ويساعد تحسين صحة التربة أيضًا على تجنب آثار تغير المناخ التي تضرب قطاع القطن. تظهر الأبحاث التي أجرتها شركات التأمين ان نصف مناطق زراعة القطن ستكون في خطر متزايد من المخاطر المناخية، مثل الإجهاد المائي والطقس القاسي، بحلول عام 2040.

وقال كيهان: “يصبح الاحتفاظ بالمياه أكثر أهمية في المستقبل لأنك تحتاج إلى كمية أقل من المياه إذا علمت أن التربة يمكنها الاحتفاظ بمياهها ومغذياتها”. وقال إرديم: “إذا قام جميع المزارعين بالزراعة المتجددة، فقد يتغير المناخ”.