fbpx
تأثيرات

دول مجلس التعاون الخليجي:الهجرة الناجمة عن تغير المناخ تحدٍ يلوح في الأفق

يؤثر تغير المناخ بالفعل بشكل سلبي على دول مجلس التعاون الخليجي ، اذ انه يتسبب بالتصحر وفقدان التنوع البيولوجي وندرة المياه وارتفاع مستوى سطح البحر, فتسبب هذه العوامل تدهورًا خطيرًا في طبيعة التربة من حيث ازدياد ملوحتها وهذا بدوره يتسبب بتعرض الأمن الغذائي للخطر ، وتشريد السكان.

ان اثار التغييرات المناخية  أصبحت واضحة في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. اذ ان نسب الهجرة بسبب التغيرات المناخية قد ارتفعت بشكل ملحوظ في الاونة الاخيرة . أما في منطقة الخليج – التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي المنتجة للنفط والغاز وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر وعمان والبحرين – فقد كانت هذه الظاهرة أقل انتشارًا حتى الآن ويبدو أنها أقل اضطرابًا إلى حد ما للمجتمعات والمستوطنات المحلية. لكن العلاقة بين تغير المناخ والهجرة في دول مجلس التعاون الخليجي لم تتم دراستها على نطاق واسع أو منهجي. وبينما تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي مليارات الدولارات في تطوير الطاقة المتجددة . فإن أنماط تغير المناخ في المناطق المجاورة . جنبًا إلى جنب مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة ، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى مشاكل هجرة مناخية أكثر خطورة لدول الخليج نفسها.

دول مجلس التعاون الخليجي

 يؤثر تغير المناخ بالفعل بشكل سلبي على دول مجلس التعاون الخليجي . اذ انه يتسبب بالتصحر وفقدان التنوع البيولوجي وندرة المياه وارتفاع مستوى سطح البحر, فتسبب هذه العوامل تدهورًا خطيرًا في طبيعة التربة من حيث ازدياد ملوحتها وهذا بدوره يتسبب بتعرض الأمن الغذائي للخطر ، وتشريد السكان. وجدت دراسة أجراها البنك الدولي ووكالة التنمية الفرنسية (AFD) أن عدم انتظام هطول الأمطار والجفاف يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مزيد من الهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا . بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي . وخاصة بين أفقر الأسر والمجموعات الأكثر  ضعفًا في مواجهة الصدمات المناخية.

تستضيف دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا حوالي ٣٠ مليون مهاجر دولي -معظمهم مدعومون اقتصاديًا- يعمل الكثير منهم في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. الا انه مع ازدياد التغيرات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري في طبيعة المناخ . فمن المرجح أن يتسبب بارتفاع معدلات الهجرة الداخلية من المناطق الفقيرة إلى الخليج الغني بالنفط. اذ انه من المحتمل أن تكون دول مجلس التعاون الخليجي هي المستفيدة من ١٤٣ مليون مهاجر بسبب التغيرات المناخ من جنوب شرق آسيا وأفريقيا ، بالإضافة إلى أمريكا اللاتينية بحلول عام ٢٠٥٠.

مع ان الهجرة المناخية تعد نمطا قديما قدم التاريخ . الا إن وتيرة التغيير في ظل اتجاهات العصر الحديث مثيرة للقلق. اذ انه وفقًا لأحد الأبحاث الجديدة :تسبب تغير المناخ في عصور ما قبل التاريخ إلى هجرات بشرية عبر شبه الجزيرة العربية على مدار الـ ٤٠٠ ألف عام الماضية ، مما أدى إلى تغيير أنماط التوزيع السكاني في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية . اذ وجد ان  التحركات السكانية  توجهت نحو الاستقرار في مناطق هطول الأمطار العالية. ومع ذلك . واجهت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة مخاطر مناخية . بما في ذلك الفيضانات المفاجئة بسبب هطول الأمطار الغزيرة ، وخاصة في المناطق الجبلية الجنوبية الغربية من البلاد .بالاضافة الى تكون العواصف الرملية والترابية ، وفترات جفاف طويلة نسبيا – وهي عوامل قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات الهجرة-.

ما هي عواقب ارتفاع درجات الحرارة؟

وفقًا لتقارير الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأمريكية (ناسا) . ستصبح أجزاء كبيرة من منطقة الخليج ككل غير صالحة للعيش تقريبًا بحلول عام ٢٠٥٠ وذلك بسبب ارتفاع متوسط درجات الحرارة في المنطقة. اذ ستواجه المناطق الصحراوية في المملكة العربية السعودية بعضًا من أقسى آثار الاحتباس الحراري . بما في ذلك الموجات الحرارية المستمرة و التي يقدر بأنها ستستمر لأشهر وليس لأيام فقط. وتتوقع دراسات مناخية أخرى صدرت في عام ٢٠٢٢ . أن درجات الحرارة في الشرق الأوسط قد ترتفع بمقدار ٥ درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي. مما يعني أن السكان المحليين -بما في ذلك في دول مجلس التعاون الخليجي- سيواجهون تحديات صحية ومعيشة هائلة.

لا يزال تأطير و نمذجة أنواع الهجرة التي يسببها المناخ علمًا متناميًا. اذ يتوقع ان تظهر صورة أوضح لهذه الأنواع بمجرد توفر بيانات أكثر دقة حول أشكال الهجرة المناخية في دول مجلس التعاون الخليجي . لكن الواضح انه هناك حاجة لمزيد من الدراسات لفحص العوامل التي تحدد أنماط الهجرة في كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي . بالاضافة الى الهجرة الداخلية ، والهجرة الأجنبية.  اذ وفقًا لتقارير البنك الدولي ، بحلول عام ٢٠٢٥ . سيتعرض ٨٠-١٠٠ مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -بما في ذلك منطقة الخليج- إلى مستوى عالي من الإجهاد المائي, اذ انه في الخليج نفسه .ستكون الرطوبة والحرارة (المعروف باسم الميزان الزئبقي المائي) عالية جدًا بحيث ستعتبر أجزاء من المنطقة غير صالحة للسكان بالكامل بحلول عام ٢١٠٠.

لكن حتى الآن ، يمكن تحمل الظروف المناخية القاسية في جميع أنحاء الخليج استخدام تكييف الهواء والاستخدام الواسع لمحطات التحلية. ومع ذلك . قد يختار العديد من مواطني الطبقة المتوسطة والأثرياء أيضًا الإقامة في الخارج لجزء من العام . وهو ما يمكن اعتباره شكلاً من أشكال الهجرة الموسمية.

سياسات التخفيف

وفي الوقت نفسه ، تشير الدراسات إلى أن دول الخليج قامت بوضع سياسات للتخفيف من آثار تغير المناخ والتي قد لا تكون متناسبة مع قدرتها على إدارة المشاكل البيئية بطريقة منسقة بسبب التوترات الجيوسياسية و الإقليمية. وبالمثل . تعيق الاختلافات السياسية من القدرة على التعاون أو دمج أنظمة إدارة الموارد الطبيعية الخاصة بدول الخليج. حيث يعد الاستعداد الاجتماعي والاقتصادي ضروريًا . بالاضافة الى التحول إلى مصادر الدخل البديلة للتعامل مع العواقب الاقتصادية للهجرة الناجمة عن المناخ. لكن تفتقر دول مجلس التعاون الخليجي إلى سياسة إقليمية واضحة لمعالجة هذه المشكلة ، ولا يزال يتعين على البعض دمجها في أجندات الأمن القومي الخاصة بهم ، كما تفعل العديد من الدول الغربية.

تنظر بعض دول الخليج ، مثل الإمارات العربية المتحدة ، إلى السياسات المناخية على أنها فرصة لإيجاد حلول عملية للتغيرات المناخية. وبالتالي فهي تقوم بتقديم سياسات بيئية مستدامة قادرة على إبطاء أو وقف تدهور المناخ . كتقليل انبعاثات الكربون بمقدار الثلث بحلول عام 2030.

في النهاية، يجب اعتبار برامج التثقيف والتوعية التي تستهدف السكان المحليين وصناع السياسات في دول مجلس تعاون الخليج بالغة الأهمية.اذ تدعو الأمم المتحدة الحكومات إلى القيام بعدة أشياء منها: اعتماد قوانين وسياسات مناخية أقوى ، وصياغة استراتيجيات مرنة للتأقلم مع الهجرة الناتجة عن التغيرات المناخية، بالاضافة الى تطويرادوات مناخية للتنبؤ بالكوارث الطبيعية المحتملة في الاقليم. اذ سيحفز الاستثمار في البحث وتمويل الأدوات الناجحة في تلك المجالات على تبادل أفضل الممارسات بين دول المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى